قصة كليلة ودمنة
كليلة ودمنة القصة الرابعة
مقدمـة
تعود كتابة قصة كليلة ودمنة إلى تاريخ قديم حوالي ستة عشر قرناً قبل الآن. حيث يتوقف فيها الكاتب على المشاكل والمعاناة في المجتمع وسبل حلها على لسان الحيوانات, وقد ترجمت إلى الفارسية في القرن السادس ومن بعدها ترجمت إلى العربية ولكنها قصة لا تعرف الزمان والمكان وحتى ألان تم ترجمتها إلى الكثير من اللغات ولكن بشكل عام هي قصة جميلة شيقة فيها الكثير من العبر والدروس من اجل حل المشاكل التي يعانيها المجتمع ورغم أنها ذُكر في القديم ولكن لم تفقد من قوتها شيء بل ما زالت تحافظ على قوتها وستحافظ على ذلك لقرونٍ عديدة . أن هذه القصة عبارة عن مجموعة من القصص التي تدور فيها الأحاديث بين الحيوانات بدأً من الحمامة المطوقة إلى الأرنب والفيل إلى الأرنب والأسد إلى ابن آوى والجرذ والجمل والأسد إلى اللصوص المخدوعون إلى الفارة المسحورة إلى البائع الأمين إلى الناسك وابن العرس فكل هذه القصص عند قراءتها بإمعان رغم لغتها البسيطة فإنها تذكر الإنسان بالقضايا المعاشة في المجتمعات في يومنا الراهن, وسبل تجاوز هذه المشاكل والصعوبات بالاستفادة من أفكار هذه القصة التي تعطي الكثير من الدروس والعبر في هذا الصدد .
باب البوم والغربان
قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: قد سمعت مثل إخوان الصفاء وتعاونهم، فاضرب لي مثل العدوّ الذي لا ينبغي أن يغتر به، وإن أظهر تضرعاً وملقاً، قال الفيلسوف: من اغتر بالعدو الذي لم يزل عدواً، أصابه ما أصاب البوم من الغربان. قال الملك وكيف كان ذلك?
قال بيدبا: زعموا أنه كان في جبل في الجبال شجرة من شجر الدوح، فيها وكر ألف غراب، وعليهن والٍ من أنفسهن، وكان عند هذه الشجرة كهف فيه ألف بوم، وعليهن والٍ منهن. فخرج ملك البوم لبعض غدواته وروحاته، وفي نفسه العداوة لملك الغربان، وفي نفس الغربان وملكها مثل ذلك للبوم، فأغار ملك البوم في أصحابه على الغربان في أوكارها، فقتل وسبى منها خلقاً كثيراُ، وكانت الغارة ليلاً، فلما أصبحت الغربان اجتمعت إلى ملكها فقلن له: قد علمت ما لقينا الليلة من ملك البوم، وما منّا لإلا أصبح قتيلاً أو جريحاً أو مكسور الجناح أو منتوف الريش أو مقطوف الذنب وأشد مما أصابنا ضراً علينا جراءتهن علينا، وعلمهن بمكاننا، وهنّ عائدات إلينا غير منقطعات عنّا: لعلمهنّ بمكاننا: فإنما نحن لك، ولك الرأي، أيها الملك، فانظر لنا ولنفسك، وكان في الغربان خمسة معترف لهن بحسن الرأي، يسند إليهنّ في الأمور، ويلقى عليهن أزمة الأحوال. وكان الملك كثيراً ما يشاورهن في الأمور، ويأخذ آراءهن في الحوادث والنوازل. فقال الملك للأول من الخمسة: ما رأيك في هذا الأمر? قال: رأي قد سبقتنا إليه العلماء، وذلك أنهم قالوا: ليس للعدو الحنق إلا الهرب منه. قال الملك للثاني: ما رأيك في هذا الأمر? قال: رأي ما رأى هذا من الهرب. قال الملك: لا أرى لكما ذلك رأياً، أن نرحل عن أوطاننا ونخليها لعدونا من أول نكبة أصابتنا منه ولا ينبغي لنا ذلك ولكن نجمع أمرنا ونستعد لعدونا ونذكي نار الحرب فيما بيننا وبين عدونا ونحترس من الغرة إذا أقبل إلينا فنلقاه مستعدين ونقاتله قتالاً غير مراجعين فيه، ولا مقصرين عنه وتلقى أطرافنا أطراف العدو ونتحرز بحصوننا وندافع عدونّا: بالأناة مرة وبالجلاد أخرى حيث نصيب فرصتنا وبغيتنا، وقد ثنينا عدونا عنّا.
ملاحظة: هذا ملخص عام للقصة الرابعة من كتاب كليلة ودمنة.
قاموس لبعض المصطلحات الصعبة
الغفلة كاشفي الأخبار
سعاة البريد الدسم
العريض من المعز ما حال عليه الحول
لغة النص
هذا البحث لا يمكن أن يوفي حقه من النظر ومقابلة النصوص إلا بعد الإطلاع على مخطوطات صحيحة متعددة.
المغزى العام
كما رأينا في سرد الحكاية أن العاقل لا يعدل بصالح الأعوان شيئاً من العقد والمكاسب، لأن الأخوان هم الأعوان على الخير كله، والمواسون عند ما ينوب من مكروه ومن أمثال ذلك مثل الحمامة المطوقة والضبي والغراب والجرذ والسلحفاة.
الخاتمـة
إن قراءتنا لقصة كليلة ودمنة وعند مقارنتها بواقعنا وما نعيشه نستطيع أن نستنتج الكثير من الدروس والعبر من اجل حياتنا فهي بمثابة مدرسة تعلم الإنسان على الكثير من الأمور في الحياة في كيفية التغلب على الصعوبات والمشقات التي تعترض طريقه وكيف سينجح في هذا ولذلك فرغم إن هذه القصة قديمة وكتبت على لسان الحيوانات حول ما يعيشه المجتمع من قضايا وهموم ولكنها لم تفقد قوتها ومصداقيتها وهي لا تعرف الزمان والمكان وحتى أنها ترجمت إلى الكثير من اللغات وأصبحت من القصص العالمية فقراتها ودراستها تعلم الإنسان الكثير من اجل المسير في الحياة بدون عراقيل والتغلب عليها في حال الظهور دون الخوف منها ليتمكن من العيش بسلام بعد الاعتماد على العقل السليم والخطة والتدبير .