السلام عليكم ورحمة الله
لن يكون شيء أفضل ليبتدأ به من كتاب الله
فهو حبل الله المتين,وصراطه المستقيم , من تمسك به نجى , ومن عمل به هدي , لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
( قَدْ جَاءكُمْ مّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَـابٌ مُّبِينٌ , يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مّنِ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ) المائدة 15،
وفضل القرآن أعظم من أن يحصر , و أكبر من أن يفسر
وليس هذا قصدي في هذه العجالة , و إنما أردت تنبيه نفسي و إخواني من طلبة العلم إلى زيادة الاهتمام بهذا الكتاب الخالد ,بهذا النور الرباني,الذي يحي القلوب
و يبعث الروح في الروح , و ينشر الأنس في الأنفس
أندى على الأكباد من قطر الندى *** وألذ في الأجفان من سِنَةِ الكرى
فكم كنت اعجب لسماحة الوالد الامام عبد العزيز ابن باز رحمة الله عليه
حين كان يسأل عن طلب العلم و كيفية تحصيله
فكان يمضي الدقائق الطوال في الحث على الاقبال على كتاب الله , و الاهتمام به , و أنه العلم و الهدى
و الفقه و الرشد,
كلام من رجل عرف قدر كتاب الله , و فتح الله عليه من بركاته و علومه
( كِتَـابٌ أَنزَلْنَـاهُ إِلَيْكَ مُبَـارَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الاْلْبَـابِ)
و صدق من قال
جميع العلم في القرآن لكن *** تقاصر عنه أفهام الرجال
و قد صادفت كلاما جميلا للعلامة الألوسي في تفسيره , يقرر فيه هذا المعنى
حيث يقول في تفسير قوله تعالى ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إلبك من ربك ....) الآية
(( و التحقيق عندي أن جميع ما عند النبي صلى الله عليه و سلم من الأسرار الإلهية و غيرها من الأحكام الشرعية قد اشتمل عليه القرآن المنزل ,
فقد قال سبحانه (وأنزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شيئ) و قال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) و قال صلى الله عليه وسلم فيما اخرجه الترمذي و غيره ( ستكون فتن ,قيل و ما المخرج منها ؟ قال كتاب الله , فيه نبأ من قبلكم , و خبر ما بعدكم , و حكم ما بينكم ). و أخرج ابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن مسعود قال ( أنزل في هذا القرآن كل علم , و بين لنا فيه كل شيء , و لكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن )
و قال الشافعي رضي الله عنه ( جميع ما حكم به النبي صلى الله عليه و سلم فهو مما فهمه من القرآن ). و يؤيد ذلك ما رواه الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه , و لا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه )
و قد جمع القرآن علوم الأولين و الآخرين, بحيث لم يحط بها علما إلا المتكلم به سبحانه , ثم رسول الله صلى الله عليه و سلم , خلاف ما استأثر به سبحانه ,
ثم ورث عنه معظم ذلك كبار الصحابة رضي الله عنهم كالخلفاء الأربعة , و مثل ابن مسعود و ابن عباس حتى قال (لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله )
ثم ورث عنهم التابعون بإحسان , ثم تقاصرت الهمم و فترت العزائم , و تضاءل أهل العلم و ضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة و التابعون من علومه و سائر فنونه ,فنوعوا علومه و قامت كل طائفة بفن من فنونه , و قال بعضهم ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى . ))
انتهى كلامه رحمه الله - تفسيره 6/191
فمزيدا من الاهتمام بكتاب الله , قراءة و فهما و تدبرا , عسى الله أن يفتح علينا من بركاته و علومه
بارك الله لي و لكم