من المفترض أن تكون العلاقة بين الزوجين مقدسة, لأنها مبنية على عقد غليظ , على سنة الله ورسوله, فيها المودة والرحمة والألفة والطمأنينة التي هي سر النجاح لهذه الحياة, قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً .
تمر الحياة الزوجية بمنعطفات كثيرة, فمن ظروف الحياة ومعاناتها, الى الخلافات الأسرية وتبعاتها, وصولاً الى الأطفال (تربيتهم ومتطلباتهم , مما يجعلها تتحول لدى بعض الأزواج الى روتين يومي ممل, خال من المشاعر والعواطف تجاه الزوجة والأبناء. قد يصل الحال ببعض الأزواج الى فتور عاطفي والعكس تماما, مما يجعل الزوجين يفقدان طعم الحياة ولذتها, وتبدأ مع هذا المشاكل الأسرية في الازدياد, وهذا الطريق سيقودهم الى فقدان حاجة أحدهما للآخر بسبب الجمود الذي يسود حياتهما. هذا سيؤدي حتما الى مخالفة التشريع الإلهي للزواج وهو المودة والرحمة, فلن نجد هناك لا مودة ولا رحمة, بل غلظة وجفاء.
من أجل ماذا يستمر هؤلاء الأزواج في الحياة مع بعضهما البعض إذا فقدوا أبسط مقومات الحياة الزوجية, وهي التفاهم؟!!! يتعذر البعض بأن الحياة تستمر بينهما من أجل الأطفال والحفاظ عليهم, رغم أن هذه الخلافات قد تؤدي بهؤلاء الصغار الى الانحراف. فكيف لمن يعيشون جفاء مع بعضهما البعض, دون وجود التفاهم والنقاش, كيف يستطيعون المحافظة على أطفالهم, دون أن تؤثر تلك الحياة الجامدة على حياتهم بشكل مباشر أو غير مباشر. ألا يعلم اؤلئك الأزواج أن هذه المشكلات الأسرية لها تأثيرات سلبية على الأطفال, لأنهم يعيشون في تفكك داخلي في ظل وجود مشاعر محبطة وخوف من المستقبل المجهول, فهناك الكثير من الفتيات والشباب رفضوا الزواج حتى لا تكون حياتهم كالجحيم الذي عاشوه في ظل والديهم, فقرروا البقاء دون زواج ولا أطفال.
لماذا تموت مشاعر كانت في يوم ما سبيلاً للوصول الى الحياة السعيدة؟, أليس هذا بسبب موت الحب ومقوماته, وسيطرة الأنانية على أحد الزوجين أو كلاهما.
إن الأسباب التي تؤدي فتور العلاقة الزوجية كثيرة لا حصر لها, وقد ذكرت في المقدمة الخلافات الأسرية, وكثرة متطلبات الحياة, ولكن هل على الزوج الاستسلام لهذه الظروف, والبقاء في موقف المتفرج والسماح لحياته أن تكون آيلة للسقوط, والانهيار, أم أن عليه أيضا أن يفرض سلطة العصا أو التجريح داخل المنزل, فيصبح في موقف الدكتاتوري الذي لا تفاهم معه, وبهذا تغيب كلمات الحب والحنان التي تعطي للحياة الزوجية رونقاً خاصاً, والتي يحتاج إليها كلاً من الطرفين.
قد يكون للزوجة يد في هذا الفتور, فنجدها تهتم بترتيب المنزل, وتربية الأبناء دون النظر الى هذا الزوج الذي يحتاج الى حنانها وقلبها الدافئ ليبث إليه همومه والآمه, آماله وأحلامه, وقد تكون عاملة أو كثيرة الزيارات فتنشغل بالآخرين أكثر من انشغالها بزوجها الذي لا يحتاج منها أكثر من كلمات حب تهديها له لتكون هناك حياة زوجية منطلقها التفاهم والتقارب.
للخروج من المشكلات الأسرية, ووجود العلاج السريع لها قبل أن تصل الى نقطة يصعب بعدها إصلاح ماتم كسره, فيجب على الزوجين أن يجلسا مع بعضهما البعض في جلسة نقاش و(تفاهم ليخرجا بالحلول الناجحة ويصلحوا مايمكن إصلاحه قبل الكسر, وبهذا سيكون هناك حياة أسرية تجعل من الحوار مبدأ لسيرها, وسيكون لهذا الحوار تأثيراً ايجابياً على الحياة التي يعيشانها.
ما دعاني الى كتابة هذه الموضوع, هي تلك الصديقة التي أخبرتني بأنه بعد عودتها من السفر هي وأبنائها (قبلها زوجها أمام ابنهما الصغير, فركض ذلك الطفل الى إخوته قائلا: أبي يحب أمي!!! فسأله بقية الإخوة, وكيف عرفت بهذا؟, فأخبرهم أنه راء والده يُقبل والدته. لم أصدق ماسمعته مما دعاني الى التساؤل, أيعقل أن يحدث هذا؟, فأجابت تلك الصديقة وأقسمت بالله أيماناً غليظة أن هذا الذي حدث وأن العام ينقضي عليهما في كثير من الأحيان بدون قبلة عادية أو كلمة حب صادقة!!! فقلت ومازلت أرددها: ياساااااااااتر....!!!.
هل يعلم الزوج بتأثير (قُبلة حب صادقة تصحبها مشاعر جياشة على الزوجة وأبنائها, وكيف أن الأطفال يستشعرون من خلالها أن والدهم ووالدتهم يحبان بعضهما الآخر.
هي دعوة للآباء والأزواج بأن يعيشوا تحت جو ممطر بالحب, مصحوباً بكميات كبيرة من المشاعر الفياضة, لكي يحصدوا ورد الحياة ومشاعر رقيقة تنعكس عليهم إيجاباً, وتجعل حياتهما في سعادة وهناء. الحب موجود ولن يموت إلا بموتنا, ولكنه يتطلب وجود أرض خصبة لينبت عليها, لأنه لا ينبت إلا في الأعماق الطاهرة. الحب لا يموت إلا في الجسد الميت, "لأن الحب والإنسان توأمان لأم واحدة تسمى بالروح".
الموضوع شائك, ولن يستطيع أحد أن يعطيه حقه
دامت حياتكم يرفرف عليها الحب منتشية بالسعادة .